كان شابور الأوّل (240–272م) ملكاً ساسانيّاً شجاعاً ومستنيراً. وبعد عودته من انتصاراته العسكرية على الإمبراطور الروماني، ويُحتمل أن ذلك كان بعد عام 260م، أسّس مدينة جديدة شرق السوس وجنوب شرق دزفول، على الطريق الرابط بين السوس وشوشتر، والتي عُرفت في التاريخ الإيراني باسم «جُندي شابور».
في العصر الساساني، وعلى الأرجح منذ تأسيس مدينة جُندي شابور على يد شابور الأوّل، وُجدت في هذه المدينة أكاديمية علمية طُوّرت فيها مختلف فروع المعرفة. غير أنّ مدرسة الطب والمستشفى الملحق بها سرعان ما اكتسبتا مكانة بارزة، إذ إنّ المصادر التاريخية نادراً ما تذكر سائر العلوم مقارنةً بالتركيز الواضح على علم الطب.
هذه العبارة منقوشة فوق المكتبة الكبرى لجُندي شابور.
كانت أكاديمية جُندي شابور في العصر الساساني واحدةً من أبرز المراكز الطبية في إيران والعالم. وقد ساهمت في تطوير العلوم الطبية من خلال دمج أساليب العلاج اليونانية والهندية والسريانية والإيرانية، وهو تداخلٌ أفضى إلى نشوء مدرسة طبية فريدة عُرفت بطب جُندي شابور. وبدعم من ملوك قدّروا العلم وكانوا من أهل المعرفة أنفسهم، مثل شابور الأوّل وكسرى أنوشيروان، اكتسبت الأكاديمية أهمية بالغة، حتى تحوّلت المدينة إلى مركزٍ علميٍ ذائع الصيت، أُطلق عليه كثيراً «مدينة أبقراط».
بلغ ازدهار أكاديمية جُندي شابور ومدرسة الطب فيها ذروته في عهد ملكٍ شجاع محبٍّ للعلم، وكان هو نفسه عالماً، واشتهر بعدله الفريد، ألا وهو كسرى أنوشيروان (531–579م). وتشير إحدى المصادر التاريخية من العصر الإسلامي إلى أنّ كسرى أنوشيروان نظّم مؤتمراً وملتقىً طبياً بمشاركة جبرائيل درستباز، رئيس الأطباء، ويُعدّ هذا الحدث أقدم مؤتمر طبي موثّق في تاريخ العالم.
تُظهر صفحات التاريخ أنّ العلماء والمفكّرين الإيرانيين أدّوا دوراً محورياً في بناء الحضارة والثقافة الإسلامية في ميادين شتّى، منها الرياضيات والفلسفة والفلك والكيمياء والموسيقى والفنون والأخلاق والتاريخ والجغرافيا والأدب. وقد بلغت إسهاماتهم من العظمة حداً نُقل معه عن النبي محمد ﷺ قوله: «لو كان العلم في أقصى السماء لناله رجالٌ من أهل فارس». ويُبرز هذا القول شغف الإيرانيين بالعلم وروح الابتكار والمثابرة في طلب المعرفة.
في عام 1955، وفي إطار إحياء التراث العلمي العريق لجُندي شابور القديمة، أُسّست المؤسسة التي أصبحت لاحقاً جامعة جُندي شابور للعلوم الطبية في الأهواز، حيث بدأت ككلية للطب تابعة لجامعة جُندي شابور آنذاك. وعلى مدى العقود اللاحقة، اتّسعت البرامج الأكاديمية والمرافق الجامعية، في تجسيدٍ لالتزام عميق بالتعليم الطبي والبحث العلمي وخدمة المجتمع في إقليم خوزستان. وفي عام 1986، أصبحت كلية الطب مؤسسةً مستقلة تحت إشراف وزارة الصحة والتعليم الطبي، واستمرّت في تخريج أجيال من الكوادر الصحية. وفي عام 2025، تحتفل الجامعة بالذكرى السبعين لتأسيسها، في مناسبةٍ تجمع بين إنجازاتها الأكاديمية الحديثة ورمزيتها التاريخية المرتبطة بأكاديمية جُندي شابور، إحدى أقدم مراكز العلم في التاريخ.
ومع تطوّر الجامعة، أُنشئت كليات ومرافق إضافية حول هذا المبنى، شملت كليات الصيدلة وطب الأسنان والعلوم الصحية والعلوم الطبية المساندة والتمريض والقبالة وعلوم التأهيل. ومع مرور الزمن، توسّع الحرم الجامعي ليضمّ عدداً كبيراً من الكليات والمراكز البحثية، ليتحوّل جُندي شابور إلى جامعة طبية شاملة تستقطب الطلبة من مختلف أنحاء إيران وخارجها.

انتخاب حالت کور رنگی
سرخ کوری سبز کوری آبی کوری سرخ دشوار بینی سبز دشوار بینی آبی دشوار بینی تک رنگ بینی تک رنگ بینی مخروطیتغییر اندازه فونت:
تغییر فاصله بین کلمات:
تغییر فاصله بین خطوط:
تغییر نوع موس:
تغییر نوع موس:
تغییر رنگ ها:
رنگ اصلی:
رنگ دوم:
رنگ سوم: